المقدم: السلام عليكم مشاهدينا الأكارم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة نستهل بها حلقة أخرى من حلقات هذا البرنامج، منهج العمل فيه سيكون كما هو الحال في اللقاءات السابقة شطره الأول ولعله أكثر بقليل من شطر خمسة وثلاثين دقيقة حدودا يتحدث فيها سماحة السيد كمال الحيدري عن موضوع هذه الحلقة ثم نستقبل بعد استراحة قصيرة الاسئلة والمداخلات التي تردنا عبر الهاتف منكم مشاهدينا الاعزاء والتي نأمل ونرجوا مؤكدين أن تكون بشان موضوع هذه الحلقة.
ندخل هذه الحلقة هذا الحديث الشريف كمطلع نتبارك به رواه الشيخ الصدوق في معاني الاخبار مسندا عن الإمام الصادق(ع) انه سُئل عن الصراط، فأجاب(ع): هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل، وهما صراطان، صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، وأما الصراط الذي في الدنيا هو الإمام المفترض الطاعة، فمن عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مر على الصراط الذي هو جهنم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم.
رزقنا الله وإياكم مشاهدينا الأكارم خير المعرفة، وحق المعرفة لإمام زماننا وبالتالي معرفة الله تبارك وتعالى، استراحة قصيرة بعدها نبدأ الحديث.
مرحبا بكم مشاهدينا الأكارم مرة أخرى ومرحبا بضيف البرنامج سماحة السيد كمال الحيدري.
مشاهدينا الأكارم موضوع الحلقة هو عن الآثار الاجتماعية للإيمان بالمعاد، كمدخل لهذا الموضوع نسأل أولاً سماحة السيد كمال الحيدري السؤال التالي:
هل أن الإيمان بالمعاد له اثر في تنظيم العلاقات القائمة بين أفراد البشر في المجتمع الإنساني عموما أو في المجتمع الإنساني خصوصا؟
السيد: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين:
في الواقع بأنه مقدمة أنا بودي أن أشير إلى هذه الحقيقة وهي أن المسائل الدينية كما اشرنا في حلقة سابقة تنقسم إلى قسمين: مسائل إعتقادية ومسائل عملية، ولكن لا يتبادر إلى ذهن احد أن المسائل الإعتقادية ليس لها تأثيرات عملية في حياة الإنسان، بل سوف يتضح إنشاء الله تعالى من خلال هذا الحديث والأحاديث اللاحقة في موضوع المعاد الذي هو من أهم المسائل والأركان الإيمانية والعقدية في القرآن وفي الحديث نجد انه أساساً له تأثيرات مباشرة في حياة الإنسان، سواء كانت على المستوى الفردي أو على المستوى الاجتماعي، من هنا يأتي هذا التساؤل الذي طُرح من قبل الأخ وهو انه أساساً هل أن المعاد له تأثير في تنظيم حياة الإنسان أو ليس له هذا التأثير؟
مقدمة: أنا بودي أن أشير للمشاهد الكريم أن الإنسان بحسب فطرته وذاته يحب ذاته ويحب كمالات ذاته، يعني الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان بنحو لا يريد شيئا الا إذا كان كمالا لنفسه، ولا يهرب عن شيء الا إذا كان سببا في فقدانه لكمال من كمالاته ولذة من لذاته.
المقدم: قد يكون كمالا حقيقيا وقد يكون وهميا؟ ولكنه على أي الاحوال.
السيد: أحسنتم، ولكنه على أي الاحوال احسنتم، أن القاعدة الأصلية، الامر الفطري في وجود الإنسان أن الإنسان لا يقدم على عمل ولا يهرب من عمل الا إذا كان ذلك العمل في مصلحته وينمي ذاته وكمالات ذاته، نعم قد في جملة من الأحيان يحصل له اشتباه كما يعبرون اشتباه في المصداق ويحصل له اشتباه في انه لا يشخص ما هو في مصلحته وما هو في غير مصلحته، ذاك حديث آخر، من قبيل المريض، فان المريض في بعض الأحيان المريض المصاب بداء السكر أو مرض السكر يتصور بأنه أكل السكر لا يضره، ولكن في الواقع هو يضره، إذن هذه حقيقة قرآنية وحقيقة وجدانية والتجربة الإنسانية خير شاهد عليها، وهو أن الإنسان لا يفعل فعلا ولا يترك تركا الا إذا كان يصب في تنمية ذاته وكمالات ذاته، وصريح القرآن الكريم أيضا اثبت هذه الحقيقة، قال: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ} (الاسراء: من الآية7) ، يعني أن أي شيء تقومون به فهو لأجل أنفسكم، يعني حتى نحن عندما نقوم بأي عبادة من العبادات ونقول نقوم بهذا العمل قربة إلى الله، باعتبار أن القربة إلى الحق سبحانه وتعالى يجعل النفس أكمل مما وهي بعيدة عن الرحمة الحقيقية لله سبحانه وتعالى.
هذه مقدمة عامة، واصل قراني فلسفي فطري وجداني تاريخي، يعني بكل هذه الأبعاد نحن عندما نبحث هذه القضية نصل إلى هذه النتيجة. هذه مقدمة.
لله رب العالمين